تلسكوب هابل: رحلة عبر العقود والاكتشافات

 

تلسكوب هابل الفضائي: رحلة عبر ثلاثة عقود من الاكتشافات الثورية

تلسكوب هابل: رحلة عبر العقود والاكتشافات
تلسكوب هابل: رحلة عبر العقود والاكتشافات
 

مقدمة

منذ إطلاقه في 24 أبريل 1990، غيّر تلسكوب هابل الفضائي التابع لناسا ووكالة الفضاء الأوروبية (ESA) فهمنا للكون بشكل جذري. يدور التلسكوب على ارتفاع 515 كيلومترًا فوق الأرض، بعيدًا عن التشوهات الجوية، مما يمنحه وضوحًا استثنائيًا في مراقبة الكون عبر أطياف ضوئية متعددة. خلال 34 عامًا، تجاوزت ملاحظاته المليون، وأسهمت في نشر أكثر من 21,000 دراسة علمية. هذا المقال يستعرض أبرز إنجازات هابل، مُفصِّلاً كيف أعادت كل اكتشاف تشكيل علم الفلك.

 




 -1كشف أسرار توسع الكون

قياس معدل التوسع الكوني (ثابت هابل)

في تسعينيات القرن الماضي، قاد هابل مشروعًا ضخمًا لقياس "ثابت هابل"، الذي يحدد سرعة توسع الكون. باستخدام نجوم السيفيد المتغيرة كشموع معيارية، حسّن هابل دقة القياسات بنسبة 10%، وكشف عن تسارع التوسع بفعل الطاقة المظلمة، وهو اكتشاف حصل على جائزة نوبل عام 2011.

عناصر الكون المبكر

رصد هابل مجرات بعيدة يعود ضوؤها إلى مليارات السنين، كشف عن تركيزات عناصر خفيفة مثل الهيدروجين والهيليوم، مما أكد نظريات الانفجار العظيم حول تكوُّن العناصر الأولى.

أبعد مجرة ونجم

في 2016، رصد هابل مجرة  GN-z11، التي تشكلت بعد 400 مليون سنة من الانفجار العظيم. وفي 2022، التقط صورة لنجم إيريندل الذي يعود إلى 900 مليون سنة بعد نشأة الكون، مستفيدًا من عدسة الجاذبية.

مصير مجرة درب التبانة

أكد هابل أن مجرة أندروميدا تتحرك باتجاهنا بسرعة 110 كم/ثانية، وأن الاصطدام سيحدث بعد 4.5 مليار سنة، مُشكِّلًا مجرة عملاقة.

 





  2 - الثقوب السوداء: من الخيال إلى الحقيقة

التأكيد الأول على الثقوب السوداء الهائلة

في 1994، رصد هابل حركة نجوم سريعة حول مركز مجرة M87  مما أثبت وجود ثقب أسود هائل تبلغ كتلته 6.5 مليار شمس. هذه الملاحظات مهّدت لالتقاط أول صورة لظل الثقب عام 2019.

الثقوب السوداء في قلب المجرات

أظهرت دراسات هابل أن معظم المجرات، مثل درب التبانة تحتوي ثقوبًا سوداء هائلة في مراكزها، مما ربط بين تطور المجرات وهذه الوحوش الكونية.

 





3 - الكواكب الخارجية: من الخيال العلمي إلى الواقع

أول غلاف جوي لكوكب خارجي

في 2001، حلل هابل الغلاف الجوي للكوكب  HD 209458 bواكتشف وجود الصوديوم، ليكون أول تحليل كيميائي لعالم خارج النظام الشمسي.

غلاف جوي يتبخر

رصد هابل نفس الكوكب وهو يفقد غلافه الجوي بسرعة 35,000 كم/ساعة، مما كشف عن تأثير الإشعاع النجمي على الكواكب القريبة.

جزيئات عضوية ومياه صالحة للحياة

في 2008، اكتشف هابل الميثان وثاني أكسيد الكربون في غلاف  HD 189733 b بينما رصد في 2019 بخار ماء على  K2-18b الكوكب الأول في "المنطقة الصالحة للحياة". 

قمر خارجي محتمل

في 2018، رصد هابل إشارات لقمر يدور حول الكوكب  Kepler-1625b، مما قد يفتح بابًا لدراسة أنظمة كواكب شبيهة بالأرض.

 






4 - نظامنا الشمسي: عوالم جديدة بانتظار الاستكشاف

أعمدة الماء على أوروبا 

في 2013، رصد هابل أعمدة بخار ماء تنفجر من قمر المشتري أوروبا، مما يشير إلى محيط تحت سطحه الجليدي، ويدعم احتمالية وجود حياة.

حطام الكويكبات وذيولها

في 2010، صور هابل الكويكب  P/2010 A2، الذي يُظهر ذيولًا تشكلت من اصطدامه بجسم آخر، مقدمًا دليلًا مرئيًا على الديناميكية العنيفة لحزام الكويكبات.

أول صور لسطح نجم آخر 

في التسعينيات، كشفت صور هابل لنجم منكب الجوزاء عن بقع حرارية ضخمة، مقدمةً أول لمحة عن سطح نجم خارج النظام الشمسي.

 





5 - الظواهر النجمية: من الولادة إلى الموت

المستعر الأعظم المتوقع 

في 2015، التقط هابل صورة للمستعر  Refsdal، الذي تنبأت النماذج بظهوره بفضل تأثير عدسة الجاذبية، مما أكد قوة النظريات الفلكية.

أقراص تكوين الكواكب

رصد هابل أقراصًا غبارية حول نجوم شابة في سديم الجبار، حيث تتشكل الكواكب، مُظهرًا عملية ولادة الأنظمة الكوكبية.

 




6 - تقنيات هابل: عيون فوق الغلاف الجوي


تمتع هابل بميزات فريدة بفضل موقعه المداري وأدواته المتطورة، مثل: 

-  الكاميرا واسعة المجال WFC3 التي مكنت من رصد المجرات البعيدة. 

-  مطياف الأشعة فوق البنفسجية الذي حلل تركيب الأغلفة الجوية للكواكب. 

-  القدرة على الرصد متعدد الأطياف  من الأشعة فوق البنفسجية إلى تحت الحمراء.

 

الخلاصة: إرث هابل ومستقبل الفلك

بعد 34 عامًا، لا يزال هابل رمزًا للاستكشاف العلمي. إنجازاته، من كشف الطاقة المظلمة إلى تصوير الكواكب البعيدة، جعلت الكون مكانًا مألوفًا أكثر. ومع ظهور تلسكوبات مثل جيمس ويب يبقى هابل حجر الزاوية في فهمنا للفضاء، يُذكرنا بأن الاكتشافات العظيمة تبدأ دائمًا بخطوة صغيرة إلى الأعلى.

إرسال تعليق

0 تعليقات