![]() |
Image: NASA, ESA, David Jewitt (UCLA); Image Processing: Joseph DePasquale (STScI) |
رصد علماء الفلك في مرصد Gemini South بتشيلي، التابع لمركز NOIRLab، ذيلًا طويلًا ومتوهّجًا يمتدّ من المذنب، يتكوّن من الغازات والغبار التي يطلقها مع اقترابه من الشمس. ومع كل يوم يمر، يبدو أن 3I/ATLAS يزداد نشاطًا، إذ بدأت نواته تطلق نفاثات قوية من الجليد المتبخّر والغبار المتصاعد، في مشهدٍ يُظهر كيف تتفاعل الأجسام القادمة من خارج نظامنا مع حرارة الشمس وإشعاعها.
وبحسب البيانات الأولية، بدأ المذنب أيضًا يكتسب لونًا أخضرَ مميزًا، وهو ما يشير إلى انبعاث غاز السيانوجين (CN) وثاني أكسيد الكربون عندما يتعرّض لضوء الشمس، وهو السلوك ذاته الذي شوهد في مذنّب «برناردينيللي-برنستين» سابقًا، ما يعزز فرضية أن تكوين هذه الأجسام يتبع قوانين كونية متشابهة
تحليل طيف المذنب بواسطة مهمة SPHEREx التابعة لوكالة ناسا أظهر نسبة مرتفعة من ثاني أكسيد الكربون (CO₂) وجليد الماء في النواة، في مقابل نقصٍ واضح في أول أكسيد الكربون (CO) — وهي نتيجة تُثير تساؤلات حول ما إذا كان المذنب قد تعرّض لتسخينٍ إشعاعي قوي قبل مغادرته نظامه النجمي الأصلي.
نتائج تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST) دعمت هذه الفرضية، إذ كشفت أن نسبة ثاني أكسيد الكربون إلى الماء في 3I/ATLAS هي الأعلى بين جميع المذنّبات التي تم تحليلها حتى الآن داخل نظامنا الشمسي، ما يعني أنه ربما نشأ في بيئة نجمية تختلف في درجة حرارتها وتركيبها الكيميائي عن تلك التي كوّنت المذنّبات المحلية
من المتوقع أن يصل المذنب إلى أقرب نقطة له من الشمس في أواخر أكتوبر 2025، ضمن مدار يقع بين المريخ والشمس، دون أي خطر على الأرض.
وكالات الفضاء العالمية أكدت أن المسافة الفاصلة بينه وبين كوكبنا ستظل آمنة تمامًا، على الرغم من الضجة التي أثارتها بعض الشائعات على الإنترنت
المثير في هذا الزائر الكوني أنه، على الرغم من أصوله البعيدة عن نظامنا الشمسي، يُظهر تشابهًا كبيرًا في بنيته مع المذنّبات المحلية.
هذا الاكتشاف يدعم فكرة أن قوانين تكوين الكواكب والمذنّبات واحدة تقريبًا في مختلف أنحاء المجرة، وأن المادة الكونية قد تتوزع وتتشكل بطريقة متكررة عبر أنظمة نجمية متعددة، كما لو أن الكون يكتب نفس القصة بطرق مختلفة
في الأشهر القادمة، ستتابع التلسكوبات الأرضية والفضائية رصد 3I/ATLAS لحظة بلحظة.
من المتوقع أن يتم تسجيل تغيرات في لمعانه ولونه وهيكله الغازي مع اقترابه من الشمس، وربما تُتاح فرصة نادرة لمركبة Europa Clipper التابعة لناسا لالتقاط بيانات عن الجسيمات المشحونة في ذيله أثناء مرورها بالقرب من مداره.
هذه البيانات – إن جُمعت – ستكون الأولى من نوعها من جسمٍ بين-شمسي داخل بيئة النظام الشمسي الداخلية.
في نهاية
المطاف، يمثل 3I/ATLAS أكثر من مجرد مذنب عابر؛ إنه سفيرٌ من نظام نجمي آخر، يحمل في نواته أسرار تكوين العوالم البعيدة.
كل ذرة غبار تنفلت منه، وكل جزيء غاز ينطلق نحو الشمس، هو رسالة من مكانٍ آخر في مجرتنا تخبرنا أن الكون أكثر ترابطًا وتشابهًا مما كنا نتصور.
كما قال أحد العلماء في معهد «سميثسونيان للفيزياء الفلكية»:
“دراسة 3I/ATLAS ليست فقط نظرة إلى المجهول، بل نظرة إلى ماضينا المشترك ككائنات تشكّلت من نفس الغبار الكوني الذي مرّ بنا قبل مليارات السنين.”

إرسال تعليق