![]() |
اكتشاف ضيف من خارج نظامنا الشمسي
يعد المذنب 3I/ATLAS أحدث وأهم الاكتشافات الفلكية التي استحوذت على اهتمام المجتمع العلمي والجمهور على حدٍ سواء. هذا الجسم ليس مجرد مذنب عادي يدور في فلك شمسنا، بل هو زائر بينجمي (Interstellar Object) قدم من أعماق مجرتنا، مما يجعله ثالث جسم معروف من نوعه يمر عبر نظامنا الشمسي. وقد أكد نظام ATLAS الفلكي (Asteroid Terrestrial-impact Last Alert System) اكتشاف هذا الضيف الكوني، فاتحاً نافذة جديدة لفهم المكونات الأساسية للأنظمة الكوكبية التي تشكلت بعيداً عن كوكبنا. إن دراسة 3I/ATLAS تقدم فرصة فريدة لدراسة مادة لم تمسها تأثيرات الشمس القريبة، مما يحمل مفاتيح لأسرار التكوينات الكونية.
لماذا يحمل اسم 3I/ATLAS هذا الرمز؟
وفقاً لنظام التسمية المعتمد من الاتحاد الفلكي الدولي (IAU)، فإن اسم 3I/ATLAS يحمل دلالات محددة تشير إلى طبيعته وأصله:
الرقم "3": يشير إلى أنه ثالث جسم بينجمي تم تأكيد رصده بعد الجسمين السابقين 1I/'Oumuamua و 2I/Borisov.الحرف "I": يرمز إلى "Interstellar" (بينجمي)، وهو التصنيف الذي يُمنح للأجسام ذات المدارات المفتوحة التي تثبت قدومها من خارج نظامنا الشمسي.
ATLAS: يشير إلى نظام المسح الفلكي الذي اكتشفه، والذي يركز على رصد الأجسام القريبة من الأرض.
إن المدة القصيرة بين اكتشاف الجسم الثاني والثالث تشير إلى أن هناك على الأرجح عدداً كبيراً من هذه "الأحجار الكونية" التي تسبح عبر مجرة درب التبانة.
الخصائص الفيزيائية ومخاوف السلامة
أظهرت الأرصاد التي قام بها تلسكوب هابل الفضائي ومرصد جيمس ويب أن المذنب 3I/ATLAS هو مذنب نشط، يتكون من نواة صلبة محاطة بـ "غيبوبة" (Coma) ساطعة من الغاز والغبار. تتراوح التقديرات الأولية لقطر نواته الجليدية ما بين بضع مئات من الأمتار إلى عدة كيلومترات. تشير تحليلات مركبة جيمس ويب إلى أنه غني بشكل غير عادي بثاني أكسيد الكربون، بالإضافة إلى الماء وأول أكسيد الكربون. الأهم، أن مسار المذنب هو مسار زائدي (Hyperbolic)، مما يعني أنه يمر عبر النظام الشمسي ولن يعود مرة أخرى. وقد أكد العلماء بشكل قاطع أنه لن يقترب من الأرض بمسافة تشكل أي تهديد، بل سيظل بعيداً عنها بملايين الكيلومترات، مما يلغي أي مخاوف تتعلق بالسلامة الأرضية.
الأهمية العلمية
تكمن الأهمية الحقيقية لـ 3I/ATLAS في أصله البعيد. هذه المذنبات هي حرفياً عينات من أنظمة نجمية أخرى. وبما أنها لم تتأثر بحرارة شمسنا لفترة طويلة، فإن مكوناتها الكيميائية تمثل بشكل أساسي المواد التي تشكلت منها النجوم والكواكب في أجزاء مختلفة من مجرتنا. دراسة تكوين هذه الأجسام تسمح للعلماء بما يلي:
مقارنة الكيمياء: مقارنة تكوينه الكيميائي بتكوين مذنبات نظامنا الشمسي لفهم أوجه التشابه والاختلاف في عمليات تشكيل الكواكب عبر الكون.أسرار البدايات: الحصول على معلومات حول التفاعلات الكيميائية التي حدثت في سحب الغبار والغاز الأصلية التي أدت إلى نشأة الأنظمة النجمية.
المستقبل القريب للمذنب
يواصل المذنب 3I/ATLAS رحلته السريعة، حيث من المتوقع أن يصل إلى أقرب نقطة له من الشمس (نقطة الحضيض) قبل أن يبدأ رحلة العودة إلى الفضاء البينجمي. ورغم قصر فترة مروره، فإن البيانات التي تم جمعها منه بواسطة التلسكوبات الأرضية والفضائية – مثل هابل وويب – تعد كنزاً حقيقياً للعلماء. يمثل 3I/ATLAS دليلاً ملموساً على أن الكون مليء بمواد تتنقل بين النجوم، مما يعدنا باكتشافات أكثر إثارة في السنوات القادمة مع تطور تقنيات الرصد الفلكي.

إرسال تعليق