NASA's SpaceX Crew-10 مهمة Crew-10 لناسا وسبيس إكس

 

رحلة رائدة نحو آفاق جديدة
NASA's SpaceX Crew-10
 NASA's SpaceX Crew-10



فجر جديد في استكشاف الفضاء


لطالما كانت رحلة البشرية نحو الفضاء مدفوعة بفضول لا ينتهي ورغبة عميقة في تجاوز الحدود. على مر العقود، تطور هذا السعي، وشهدت السنوات الأخيرة تحولاً ملحوظاً نحو نموذج أكثر تعاوناً وتوجهاً تجارياً. في قلب هذا العصر الجديد يقع برنامج الطاقم التجاري التابع لوكالة ناسا، والذي أعاد للولايات المتحدة قدرتها المستقلة على إطلاق البشر إلى الفضاء بعد عام 2011، وفتح آفاقاً واسعة للمؤسسات الخاصة للمشاركة في هذا المجال الحيوي.

تعتبر مهمة Crew-10 علامة فارقة ضمن هذا البرنامج الطموح. إنها المهمة العاشرة لتناوب الأطقم التشغيلية بالتعاون مع سبيس إكس، والرحلة الحادية عشرة التي تحمل بشراً كجزء من برنامج الطاقم التجاري لوكالة ناسا. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات؛ إنها تعكس وتيرة تشغيلية ثابتة وموثوقة، مما يؤكد أن رحلات الفضاء التجارية لم تعد مجرد مفهوم تجريبي، بل أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الاستراتيجيات الفضائية الوطنية والدولية. هذا التطور يشير إلى نقل ناجح للقدرات والمسؤوليات من الوكالات الحكومية إلى الكيانات الخاصة، مما يؤدي إلى زيادة الوصول إلى الفضاء وربما خفض التكاليف.

إن هذا النجاح في برنامج الطاقم التجاري، والذي تجسده مهمة Crew-10، يعني أن وكالة ناسا باتت تستطيع "تعظيم الاستفادة من محطة الفضاء" و"الاستكشاف أبعد من الأرض".هذه الشراكة تفتح الباب أمام المزيد من الشركات الخاصة لدخول صناعة الفضاء، مما يدفع عجلة المنافسة والابتكار. هذا التحول الاستراتيجي يستفيد من مرونة القطاع الخاص لتحقيق أهداف القطاع العام، ويغير بشكل أساسي مشهد الوصول إلى الفضاء. الغرض الأساسي من هذه المهمة هو نقل أربعة من أفراد الطاقم إلى محطة الفضاء الدولية (ISS) لإجراء أبحاث قيمة، وعروض تكنولوجية، وأنشطة صيانة داخل المختبر ذي الجاذبية الصغرى.


طاقم النخبة: رواد مهمة كرو-10


تجسد مهمة Crew-10 روح التعاون الدولي من خلال طاقمها المتنوع المكون من أربعة رواد فضاء. يضم الطاقم رائدتي فضاء من وكالة ناسا، وهما آن ماكلين (قائدة المهمة) ونيكول آيرز (الطيار)، بالإضافة إلى رائد فضاء من وكالة استكشاف الفضاء اليابانية (جاكسا) وهو تاكويا أونيشي (أخصائي مهمة)، ورائد فضاء من وكالة الفضاء الروسية (روسكوزموس) وهو كيريل بيسكوف (أخصائي مهمة).

تتولى القيادة في هذه المهمة آن ماكلين، وهي رائدة فضاء مخضرمة في وكالة ناسا. تعد هذه رحلتها الثانية إلى محطة الفضاء الدولية، حيث أمضت 204 أيام كمهندسة طيران خلال البعثتين 58 و59، وأكملت عمليتي سير في الفضاء بلغ إجماليهما 13 ساعة و8 دقائق. منذ مهمتها الأولى، شغلت ماكلين أدواراً قيادية متعددة، بما في ذلك رئيسة فرع ومساعدة لرئيس مكتب رواد الفضاء في ناسا، مما يبرز قيادتها ومساهماتها المستمرة في برنامج الفضاء.

أما الطيارة نيكول آيرز، فتسجل هذه المهمة أول رحلة فضائية لها، وهي أول عضو من دفعة رواد الفضاء التابعة لناسا لعام 2021 يتم تسميته ضمن طاقم. تتمتع آيرز بخلفية عسكرية متميزة، حيث تشغل رتبة رائد في القوات الجوية الأمريكية، وعملت كطيار ومدربة وقائدة مهمة في طائرات T-38 ADAIR وF-22 Raptor، وقادت مهاماً متعددة الجنسيات والخدمات حول العالم. لديها أكثر من 1400 ساعة طيران إجمالية، بما في ذلك أكثر من 200 ساعة في القتال.

ينطلق أخصائي المهمة تاكويا أونيشي، رائد فضاء جاكسا، في رحلته الثانية إلى محطة الفضاء الدولية. منذ أن أصبح رائد فضاء في جاكسا عام 2009، أمضى 113 يوماً في الفضاء كمهندس طيران للبعثتين 48 و49. يُذكر له إنجاز فريد كأول رائد فضاء ياباني يلتقط مركبة سيغنوس الفضائية آلياً.

أما أخصائي المهمة كيريل بيسكوف، رائد فضاء روسكوزموس، فتعد هذه أول رحلة له إلى محطة الفضاء الدولية. قبل اختياره كرائد فضاء في عام 2018، عمل كطيار مساعد على طائرات بوينغ 757 و767 لشركات طيران مختلفة. اكتسب بيسكوف خبرات إضافية في القفز بالمظلات، والتدريب على انعدام الجاذبية، والغوص، والبقاء على قيد الحياة في البرية، مما يظهر استعداداً شاملاً للمهام الفضائية.

يضم الطاقم رائدين فضاء متمرسين (ماكلين وأونيشي) في مهمتهما الثانية، ورائدين فضاء يخوضان رحلتهما الأولى (آيرز وبيسكوف). هذا المزيج المدروس يضمن انتقال المعرفة التشغيلية الهامة والدروس المستفادة من المهام طويلة الأمد السابقة، مع جلب وجهات نظر جديدة ودمج دفعات جديدة من رواد الفضاء في العمليات. هذه الاستراتيجية حاسمة للاستدامة والنمو طويل الأمد لبرامج رحلات الفضاء البشرية، مما يضمن تدفقاً مستمراً من الكوادر المؤهلة.

إن وجود رواد فضاء من وكالات ناسا وجاكسا وروسكوزموس في نفس المهمة يمثل رمزاً قوياً للتعاون. على الرغم من التوترات الجيوسياسية على الأرض، تستمر محطة الفضاء الدولية في العمل كمنارة للتعاون الدولي. هذا يشير إلى أن الأهداف العلمية والاستكشافية المشتركة في الفضاء يمكن أن تتجاوز الصراعات الأرضية، مما يعزز شكلاً فريداً من الدبلوماسية ويظهر مرونة هذه الشراكات. إنه يبرز الفضاء كمجال يمكن فيه للطموحات البشرية المشتركة أن تتغلب على الانقسامات السياسية.


المركبة والتحدي: دراغون وفالكون 9


تعتمد مهمة Crew-10 على مركبة الإطلاق فالكون 9، وهي العمود الفقري لقدرات سبيس إكس في الإطلاق. استخدمت هذه المهمة معزز فالكون 9 الذي خاض رحلته الثانية ، مما يؤكد التزام سبيس إكس بإعادة الاستخدام، وهو ابتكار رئيسي يهدف إلى خفض التكاليف وزيادة وتيرة الإطلاق. قبل الإطلاق، خضعت المركبة والصاروخ لفحوصات شاملة للأنظمة، وتم دمج مركبة دراغون مع صاروخ فالكون 9، وأجريت تجربة محاكاة جافة مع الطاقم واختبار إطلاق ثابت متكامل.

تُعرف كبسولة دراغون التي حملت الطاقم باسم "إنديورانس" (Endurance) لهذه المهمة. تتميز هذه المركبة بقدرات متقدمة؛ فهي مصممة لنقل ما يصل إلى 7 ركاب ، وتتمتع بقدرة رسو ذاتي بمحطة الفضاء ، مع إمكانية تحكم الطاقم يدوياً إذا لزم الأمر. تبلغ سعة حمولتها عند الإطلاق 6000 كجم، وعند العودة 3000 كجم. يلعب جزءها الخلفي، المعروف بـ "الجذع" (Trunk)، دوراً حاسماً في حمل البضائع غير المضغوطة، ويحتوي على ألواح شمسية توفر الطاقة للمركبة أثناء الطيران وأثناء وجودها في المحطة. كما أن مركبة دراغون مزودة بمحركات دفع "دراكو" للمناورات المدارية ومحركات "سوبر دراكو" لنظام الهروب عند الإطلاق.

انطلقت المهمة من مجمع الإطلاق 39A في مركز كينيدي للفضاء في 14 مارس 2025. تسارع صاروخ فالكون 9 بمركبة دراغون إلى حوالي 17500 ميل في الساعة ، في مطاردة مدارية استمرت 28 ساعة. التحمت المركبة بنجاح مع وحدة "هارموني" في محطة الفضاء الدولية في 16 مارس 2025، في تمام الساعة 12:04 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة.

لم تخلُ الرحلة من التحديات؛ فقد تم تأجيل الإطلاق الأولي إلى أواخر مارس 2025 لإتاحة الوقت لإجراء الاختبارات النهائية. كما تم إلغاء محاولة إطلاق في 12 مارس 2025 قبل 44 دقيقة من الإقلاع بسبب مشكلة محتملة في نظام الهيدروليك في أحد المشابك التي تثبت المرحلة الثانية من صاروخ فالكون 9 هذه التحديات والإجراءات الدقيقة تؤكد على بروتوكولات السلامة الصارمة المتبعة.

إن استخدام معزز فالكون 9 الذي خاض رحلته الثانية وتصميم مركبة دراغون لإعادة الاستخدام يمثلان جوهر نموذج عمل سبيس إكس وتحولاً أساسياً في النقل الفضائي. من خلال جعل الصواريخ والمركبات الفضائية قابلة لإعادة الاستخدام، تنخفض تكلفة الإطلاق بشكل كبير، مما يزيد بدوره من إمكانية الوصول إلى الفضاء لكل من الكيانات الحكومية والتجارية. هذا يساهم مباشرة في "الفعالية من حيث التكلفة" المذكورة في ويمكّن من زيادة وتيرة المهام التي يشهدها برنامج الطاقم التجاري، مما يدشن "عصراً جديداً لرحلات الفضاء البشرية".

كما أن قدرة مركبة دراغون على الرسو ذاتياً، مع إمكانية تحكم الطاقم يدوياً عند الضرورة ، تسلط الضوء على فلسفة تشغيلية متطورة. هذه الفلسفة تعتمد على الأتمتة للتعامل مع المهام الروتينية والمعقدة بكفاءة، مع الاحتفاظ بقدرة التدخل البشري لأغراض السلامة والطوارئ واتخاذ القرارات الحاسمة. هذا النهج الهجين يزيد من الكفاءة والموثوقية، وهو درس حيوي للمهام المستقبلية طويلة الأمد حيث قد تكون استقلالية الإنسان محدودة.


الحياة في المدار: محطة الفضاء الدولية والمهام العلمية


بعد رحلة استغرقت 28 ساعة، استقبل طاقم Crew-10 بحفاوة من قبل طاقم البعثة 72 على متن محطة الفضاء الدولية. بعد ذلك، فُتحت الفتحات بين مركبة إنديورانس ومحطة الفضاء الدولية 8، وبدأ الطاقم فترة تسليم قصيرة للمهام العلمية وأنشطة الصيانة مع أفراد طاقم Crew-9 المغادرين ، مما يضمن استمرارية الوجود البشري والعمل على متن المحطة.

من المقرر أن يقضي الطاقم حوالي ستة أشهر على متن المحطة وهي المدة المعتادة لمهام تناوب الأطقم. خلال هذه الفترة، ستكون محطة الفضاء الدولية بمثابة مختبر فريد للجاذبية الصغرى ، حيث سيشاركون في مجموعة واسعة من الأبحاث التي يرعاها المختبر الوطني لمحطة الفضاء الدولية. تهدف هذه الأبحاث إلى تحقيق فوائد مزدوجة: تطوير العلوم لصالح البشرية على الأرض، والاستعداد للاستكشاف المستقبلي خارج مدار الأرض المنخفض.

تتضمن هذه المساعي العلمية الرائدة ما يلي:

البحوث الطبية الحيوية:

  • الكشف عن الحمل الفيروسي: تحقيق يدرس حركة الجسيمات في السوائل المعقدة لتحسين أجهزة الكشف عن الحمل الفيروسي في عينات الدم أو اللعاب، وهو أمر حيوي للتشخيص السريع دون الحاجة إلى معدات مختبرية معقدة على الأرض. تلغي الجاذبية الصغرى تأثيرات الطفو والترسيب الناتجة عن الجاذبية، مما يسمح بمراقبة أكثر نقاءً.

  • تكتل البروتينات: بحث من معهد رينسيلار بوليتكنيك يدرس تدفق السوائل في محاليل البروتين لفهم ومنع تكتل البروتينات أثناء التصنيع الدوائي، وهي ظاهرة يصعب دراستها على الأرض بسبب تفاعلاتها مع جدران الحاويات.

  • استشعار الجاذبية الخلوية: مراقبة الآلية التي تمكن الخلايا من استشعار الجاذبية، مما قد يؤدي إلى تطوير علاجات لحالات العضلات والعظام، مثل ضمور العضلات أثناء رحلات الفضاء الطويلة وهشاشة العظام على الأرض.

  • الطحالب الدقيقة للمعيشة: دراسة SOPHONSTER حول تأثيرات الجاذبية الصغرى على إنتاج البروتين من الطحالب الدقيقة، واستكشاف إمكاناتها كبدائل مستدامة للحوم ومنتجات الألبان في مهام الفضاء طويلة الأمد، وكمصادر للوقود الحيوي والمركبات النشطة بيولوجياً في الأدوية على الأرض.

  • تغيرات الجسم البشري: المشاركة في دراسة متكاملة لفهم أفضل للتغيرات الفسيولوجية والنفسية التي تطرأ على جسم الإنسان في الفضاء.

علوم المواد والفيزياء:

  • مركبات السيراميك النانومترية: دراسة تشكيل وبنية مركبات السيراميك النانومترية خفيفة الوزن، الموصلة للكهرباء، والمستقرة في درجات الحرارة العالية في الجاذبية الصغرى، لتطبيقات صناعية مثل تخزين الطاقة.

  • المواد النانومترية ذاتية التجميع (JBNs): تصنيع مواد نانومترية تحاكي الحمض النووي البشري لعلاج أمراض مثل التهاب المفاصل والسرطان. تقلل الجاذبية الصغرى العيوب، مما يؤدي إلى هياكل أكثر انتظاماً ونتائج علاجية أفضل. يتم تمويل هذا المشروع من خلال برنامج تطبيقات الإنتاج في الفضاء (InSPA) التابع لناسا.

  • اختبارات قابلية اشتعال المواد: إجراء اختبارات لتصميمات المركبات الفضائية المستقبلية.

  • البروتينات السائلة (Ring Sheared Drop-IBP-2): دراسة البروتينات السائلة دون حاويات صلبة للتخلص من تفاعلات الجدران، مما يحسن فهم سلوك سوائل البروتين.

عروض التكنولوجيا وعلوم الأرض:

  • ملاحة قمرية احتياطية: اختبار أجهزة موجودة لحل ملاحة قمرية احتياطي.

  • موزع مياه الشرب للاستكشاف: تقييم تقنية تعقيم المياه وتقليل نمو الميكروبات.

  • كاميرا طائرة حرة (JEM Internal Ball Camera 2): اختبار قدرة كاميرا روبوتية على التقاط الفيديو والصور للتجارب، مما قد يوفر وقت الطاقم.

  • رصد البرق من المدار: مراقبة وتصوير البرق من المدار لتحسين النماذج الجوية وتوقعات الطقس.

  • تأثيرات المدار على النباتات: دراسة كيفية تأثير بيئات الإشعاع والجاذبية على ارتفاعات مدارية مختلفة على نمو النباتات، ومقارنة البيانات مع مهمة بولاريس داون.

إن الأهداف العلمية لهذه المهمة ليست عشوائية، بل هي مصممة بوضوح "للتحضير للاستكشاف البشري خارج مدار الأرض المنخفض" و"لصالح البشرية على الأرض". التجارب مثل اختبارات قابلية اشتعال المواد، وحلول الملاحة القمرية، ودراسات التغيرات الفسيولوجية والنفسية، ونمو النباتات في بيئات إشعاعية مختلفة ، تدعم بشكل مباشر المهام المستقبلية إلى القمر والمريخ (برنامج أرتميس). وفي الوقت نفسه، فإن الأبحاث حول الكشف عن الحمل الفيروسي، وتكتل البروتينات، والمواد النانومترية السيراميكية، واستشعار الجاذبية الخلوية ، لها تطبيقات واضحة وفورية لتحسين الصحة والتصنيع والتكنولوجيا على الأرض. هذا يشير إلى أجندة بحثية استراتيجية للغاية وذات غرض مزدوج لمحطة الفضاء الدولية، مما يزيد من فائدتها لكل من مساعي الفضاء المستقبلية والاحتياجات المجتمعية الحالية.

علاوة على ذلك، فإن مشاركة "المختبر الوطني لمحطة الفضاء الدولية" وبرنامج "تطبيقات الإنتاج في الفضاء (InSPA)" التابع لناسا تسلط الضوء على جهد متعمد لتعزيز "سوق مستدام وقابل للتطوير في مدار الأرض المنخفض". لا يقتصر البحث في المواد المتقدمة والطحالب الدقيقة على العلم البحت؛ بل يتعلق بإظهار جدوى التصنيع في الفضاء واستغلال الموارد لأغراض تجارية. هذا يشير إلى مستقبل حيث لا يتم استكشاف الفضاء من قبل الحكومات فحسب، بل يتم استغلاله وتسويقه بنشاط من قبل الصناعة الخاصة، مما يخلق فرصاً اقتصادية جديدة ويقلل الاعتماد على الإنتاج الأرضي لبعض السلع ذات القيمة العالية.

خلال فترة إقامتهم، ستشهد محطة الفضاء الدولية وصول مركبات فضائية أخرى، بما في ذلك مركبة سويوز، ومركبة دراغون للشحن، ومركبة بروغريس من روسكوزموس، ومركبة سيغنوس من نورثروب غرومان، بالإضافة إلى طاقم مهمة أكسيوم الخاصة قصيرة الأمد. هذا يظهر محطة الفضاء الدولية كمركز صاخب للنشاط والتعاون.


العودة إلى الوطن: نهاية مهمة وبداية آفاق جديدة


بعد ما يقرب من خمسة أشهر قضاها الطاقم في الفضاء ، بدأت الاستعدادات لعودتهم إلى الأرض. قبل الانفصال عن المحطة، قامت فرق المهمة بمراجعة دقيقة لظروف الطقس في مواقع الهبوط قبالة سواحل فلوريدا أو كاليفورنيا لضمان سلامة العودة.

بعد الانفصال عن محطة الفضاء الدولية، تبدأ رحلة العودة إلى الأرض، والتي تستغرق حوالي 17 ساعة.خلال هذه المرحلة، تخترق الكبسولة الغلاف الجوي في عملية إعادة دخول مثيرة ، ثم تهبط بسلام في المحيط الهادئ تحت مظلة من المظلات. من الجدير بالذكر أن هذه ستكون أول مهمة طاقم تجاري تهبط في المحيط الهادئ ، حيث كان الهبوط المخطط له في 9 أغسطس 2025.

إن التحول في موقع الهبوط إلى المحيط الهادئ لأول مرة في مهمة طاقم تجاري أمر مهم. بينما يتم ذكر الظروف الجوية قبالة فلوريدا ، فإن الهبوط الفعلي مخطط له في المحيط الهادئ. هذا يشير إلى توسيع قدرات الاستعادة وتخطيط الطوارئ. إنه يوحي بأن وكالة ناسا وسبيس إكس تبنيان مرونة تشغيلية أكبر وتكراراً في إجراءات العودة، مما يضمن نجاح المهمة حتى عندما تكون مواقع الهبوط الأساسية غير متاحة بسبب الطقس أو عوامل أخرى. هذه القدرة المتزايدة على التكيف حاسمة لسلامة وموثوقية رحلات الفضاء البشرية المستقبلية.

بعد الهبوط، يتم استعادة الطاقم ومركبة دراغون. ومن المقرر عقد مؤتمر صحفي بعد الهبوط مباشرة، مما يتيح للطاقم فرصة لمشاركة تجاربهم. في تعليق مؤثر قبل عودتها، قالت نيكول آيرز، طيارة Crew-10: "أنا أفكر بقلب مليء بالامتنان... أعتقد أنها كانت تجربة مذهلة". يضيف هذا الاقتباس لمسة إنسانية إلى ختام المهمة.

بإتمام هذه الرحلة، يكون الطاقم قد أجرى بنجاح "أكثر من 200 تجربة علمية" خلال فترة وجودهم في مدار الأرض المنخفض، مما ساهم بشكل كبير في دفع عجلة الاستكشاف البشري لما وراء كوكب الأرض. على الرغم من التركيز على الإنجازات الهندسية والأهداف العلمية، فإن التجربة الشخصية لرواد الفضاء تظل محورية. هذا يبرز أن استكشاف الفضاء لا يقتصر على دفع الحدود التكنولوجية فحسب، بل يتعلق أيضاً بالروح البشرية للمغامرة والدهشة والاكتشاف. إنه يعزز النهج الذي يركز على الإنسان في السرد، ويذكر القارئ بالرحلة الشخصية وراء الإنجازات العلمية.


إرث كرو-10: شراكة رائدة ومستقبل الفضاء


تعد مهمة Crew-10 أكثر من مجرد إنجاز تقني؛ إنها منارة لما يمكن تحقيقه عندما تتحد الكيانات العامة والخاصة برؤية مشتركة.3 لقد عززت هذه المهمة التزام ناسا وسبيس إكس بالنهوض بالوجود البشري في الفضاء.

لقد أعاد برنامج الطاقم التجاري، الذي تجسده مهمة Crew-10، تعريف معايير رحلات الفضاء البشرية ، حيث يلعب القطاع الخاص دوراً محورياً. هذه الشراكة لا تعزز الابتكار فحسب، بل تضمن أيضاً ريادة الولايات المتحدة في مجال الفضاء.

ترتبط إنجازات هذه المهمة ارتباطاً وثيقاً بأهداف ناسا الأوسع، لا سيما برنامج أرتميس، الذي يهدف إلى إعادة البشر إلى القمر وإنشاء وجود مستدام هناك. تعد التطورات التكنولوجية والرؤى التشغيلية المكتسبة من Crew-10 ذات قيمة لا تقدر بثمن للمهام المستقبلية طويلة الأمد إلى القمر والمريخ. يمثل برنامج الطاقم التجاري، من خلال نقل رواد الفضاء بشكل موثوق إلى مدار الأرض المنخفض، أساساً قوياً لبرنامج أرتميس وما بعده. إنه يحرر موارد ناسا واهتمامها للتركيز على أهداف أرتميس الأكثر تعقيداً وبعداً، ويوفر أرضية اختبار للتقنيات والإجراءات التشغيلية (مثل الدراسات الفسيولوجية طويلة الأمد) التي تعد بالغة الأهمية للمهام القمرية والمريخية. هذا يعني أن نجاح التسويق التجاري لمدار الأرض المنخفض هو خطوة ضرورية، وليس مجرد هدف في حد ذاته، لتوسع البشرية في النظام الشمسي.

باختصار، فإن الأبحاث التي أجريت على متن محطة الفضاء الدولية، والتي تقدمت بفضل Crew-10، "تفيد البشر على الأرض" بدءاً من الاختراقات الطبية وصولاً إلى المواد الجديدة. إن نجاح الشراكة بين ناسا وسبيس إكس، كما أظهرته مهمة Crew-10، يضع "سابقة للمساعي المستقبلية" وقد "يفتح الباب أمام المزيد من الشركات الخاصة لدخول صناعة الفضاء، مما يدفع عجلة المنافسة والابتكار". هذا يتجاوز الولايات المتحدة؛ فالدول الأخرى والكيانات الخاصة تراقب هذا النموذج، وقد يؤدي نجاحه إلى تسريع عالمي للأنشطة الفضائية التجارية، مما قد يعزز تعاونات دولية جديدة مدفوعة بأهداف اقتصادية وعلمية على حد سواء. هذا يشير إلى مستقبل حيث يكون استكشاف الفضاء مشروعاً متعدد الأطراف بشكل متزايد، مع آثار عميقة على التكنولوجيا والاقتصاد والدبلوماسية العالمية.

في الختام، تعد مهمة Crew-10 تذكيراً بأن روح الاستكشاف حية وبصحة جيدة، تدفعنا لاستكشاف المجهول وإعادة تعريف مكاننا في الكون.

إرسال تعليق

0 تعليقات